لا أدري.. هل أصبحنا نلتزم بكل آداب وأخلاقيات الصوم خلال شهر رمضان
المبارك حتي يلجأ فضيلة المفتي إلي التخفيف عنا والرأفة بحالنا عن طريق إباحة
القبلات بين الزوجين خلال ساعات الصيام؟! وهل نحن نعيش رمضان صياما وقياما وزكاة
وعملا وحرصا علي كل أعمال الخير ونصل أرحامنا ونزور مرضانا ونعطف علي فقرائنا
ونقدم العون والمساعدة لكل صاحب حاجة ولم يتبق إلا تقبيل الزوجة ومداعبتها خلال
ساعات الصيام؟
فتوي الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية بإباحة تقبيل الزوجة في نهار رمضان
استنادا إلي ما فعله رسول الله صلي الله عليه وسلم مع السيدة عائشة يمكن أن تكون
مقبولة ومبررة لو كنا ندرك حقيقة الصوم ونلتزم بآدابه وأخلاقياته ونعرف كيف نتحكم
في أهوائنا ورغباتنا ونزواتنا كما كان حال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام..
لكن مع أناس غابت عنهم مقاصد الصوم وأصبحوا يصومون عن الطعام والشراب ويقترفون
معظم الآثام والذنوب خلال هذا الشهر الكريم لا يجوز أن نفتح لهم بابا جديدا للفتنة
والخروج مما تبقي من روحانية رمضان فليس كل إنسان يستطيع أن يتحكم في شهواته وقبلة
الزوج لزوجته أثناء الصيام "والمقصود بها القبلة الساخنة وليست القبلة
الحانية" يمكن أن
تجر إلي ارتكاب جريمة المعاشرة الجنسية في نهار رمضان وهذا سلوك أحمق يفسد صيام
الزوجين ويجلب لهما غضب الله وعقابه ويفرض علي الزوج كفارة كبري تتمثل في صيام
شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا إذا لم يقدر علي الصوم.
***
لقد اختطف منا رمضان علي حد تعبير الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة.. اختطف
بالمسلسلات والبرامج التليفزيونية التافهة التي حولت هذا الشهر الكريم إلي مهرجان
فني تتسابق فيه الممثلات والمذيعات في مطاردتنا بكل ما هو شاذ وقبيح من الملابس
والأفكار والمعاني.. أختطف منا شهر العبادة والطاعة ومراجعة النفس وتحول إلي موسم
سنوي للإسراف في الطعام والشراب والسهر وممارسة سلوكيات غريبة خلال ليالي رمضان
وما نراه في رمضان من سلوكيات خاطئة وتصرفات غير مسئولة من الكبار والصغار وانصراف
عن آداب وأخلاقيات الصوم يفرض علي علمائنا الكرام ان يضاعفوا من جهودهم لإعادتنا إلي
طريق الحق حتي نخرج من هذا الشهر الكريم بدون ذنوب وآثام إضافية بعد أن فشل معظمنا
في انتهاز الفرصة والتخلص من ذنوبة وآثامه التي ارتكبها طوال العام خلال هذه
الأيام المباركة.
***
أتمني أن يتخفي فضيلة المفتي في ملابس تقليدية ويتجول في الشوارع ليشاهد
الشباب المستهتر الذي يجاهر بالفطر ويسير بكل بجاحة في الشوارع ويزين يده
بالسيجارة أو يجلس علي المقاهي ويدخن الشيشة في نهار رمضان رغم خلوه من الأمراض
وبالطبع من الأعذار الشهرية الخاصة بالنساء.. ليقدم النصيحة لهؤلاء ويوضح لهم
الحكم الشرعي فيما يرتكبون من مخالفات شرعية.
أتمني أن يسير فضيلة المفتي متخفيا في شوارع القاهرة وغيرها من المدن ليري
سلوكيات الناس الخاطئة وألفاظهم البذيئة وخناقاتهم وانفعالاتهم علي بعضهم في
إشارات المرور وفي الطرق الرئيسية والفرعية ليدرك أن أخلاقياتنا في رمضان وفي غير
رمضان قد انهارت وتحتاج إلي جهود مضاعفة من علماء الإسلام لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
أتمني أن يتجول فضيلة المفتي وغيره من علماء ودعاة الإسلام في الأسواق
ليشاهدوا الاستغلال والغش التجاري والأيمان الكاذبة من التجار ليوضحوا لهؤلاء
المستغلين والمحتكرين والكذابين مدي الجرم الذي يرتكبونه ويجلب لهم غضب الله
وعقابه.
يا فضيلة المفتي: لم يعد في سلوكياتنا في رمضان كثير مما أمرنا به الله
عزوجل ووجهنا إليه رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم.. الغيبة والنميمة والكذب
والرياء والنفاق رذائل أفسدت حياتنا في رمضان وفي غير رمضان.. صلاتنا وزكاتنا
وصيامنا وحجنا وعمراتنا أصبحت طقوساً بلا روح ونحتاج إلي من يعيدنا إلي المعاني
والمقاصد السامية التي شرع الله من أجلها العبادات.
***
تقبيل الزوجة في نهار رمضان "رفاهية" لسنا في حاجة إليها
الآن فمعظم الرجال يمارسون مع زوجاتهم في رمضان وغير رمضان كل أساليب القهر
والتسلط والاستغلال والمطلوب إرشاد هؤلاء الرجال إلي الوسائل الإنسانية التي قررتها
شريعة الإسلام للإحسان إلي الزوجة واحترام آدميتها وتقدير مشاعرها والتعامل معها
برقي وتحضر.. فالزوجة التي يهينها زوجها بكلمات قاسية أو سلوكيات شاذة واتهامات
قبيحة ويسيء الظن بها لن ترضيها قبلة ولن تصفو نفسها بمعاشرة مجلد "فتاوي
عصرية" لفضيلة المفتي الدكتور علي جمعة يتضمن سؤالا له معني حول مداعبة الرجل
لزوجته في نهار رمضان.. يقول السائل: داعبت زوجتي في نهار رمضان ثم نويت أن أفطر لأني وجدت هذه المداعبة
أفسدت صومي ثم بعد أن نويت الإفطار غلبتني الشهوة وجامعت زوجتي في نهار رمضان.. فماذا
أفعل؟
قال له فضيلة المفتي "ص91": الجماع في نهار رمضان حكمه
الكفارة العظمي والكفارة العظمي صيام شهرين متتابعين ولابد منها فإذا كان مستطيعا الصيام
لا يمكن أن ينتقل من الصيام إلي إطعام المساكين.. وهذه المعصية تستوجب الكفارة
ونسأل الله سبحانه وتعالي أن يتقبل توبتك.
والسؤال الآن لفضيلة المفتي وغيره من العلماء الذين ييسرون لنا كل شيء
حتي تقبيل الزوجة في نهار رمضان: إذا كانت مداعبة الزوجة وأحد أدواتها القبلة تجر
الإنسان إلي هذه المعصية أو ذاك الجرم في نهار رمضان.. فلماذا لا ننصح الناس
بالبعد عن كل ما يمكن أن يؤثر علي صحة صيامهم وبعد انتهاء ساعات الصيام هناك ساعات
أخري أطول منها كل يوم يمكن للرجل أن يعبر فيها عن مشاعره أو يظهر فيها رجولته مع
زوجته؟!
السبت سبتمبر 05, 2009 4:17 am
